الحلّ النهائي للإشكال
ومن اجل حلّ هذا الاشكال ينبغي ان نعود الى البحوث السالفة ونعالج الاشتباهات الناشئة من قياس مجازاة يوم القيامة بالمجازاة الاخرى ، ليعلم انّ مسألة الخلود لا تنافي عدالة الله ابدا.
ولتوضيح هذا البحث ينبغي الالتفات الى ثلاثة اصول :
١ ـ انّ العذاب الدائم ـ وكما أشرنا اليه من قبل ـ هو لأولئك الذين اوصدوا أبواب النجاة بوجوههم ، واضحوا غرقى الفساد والانحراف عامدين ، وغشى الظلّ المشؤوم للاثم قلوبهم وأرواحهم فاصطبغوا بلون الكفر ، وكما نقرا عنهم في سورة البقرة الآية (٨١) (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
٢ ـ يخطئ من يتصور انّ مدّة العقاب وزمانه ينبغي ان تكون على قدر مدّة الإثم وزمانه ، لانّ العلاقة بين الإثم والعقاب ليست علاقة زمانية بل كيفية ، اي ان زمان العقاب يتناسب مع كيفية الإثم لا مع زمانه.
فمثلا قد يقدم شخص في لحظة على قتل نفس محترمة ، وطبقا لما في بعض القوانين يحكم عليه بالحبس الدائم ، فهنا نلاحظ انّ زمن الإثم لحظة واحدة ، في حين انّ العقاب قد يبلغ ثمانين سنة.
اذن المهم في الإثم هو «كيفيته» لا «كمية زمانه».
٣ ـ قلنا انّ العقاب والمحاسبات في يوم القيامة لها اثر طبيعي للعمل وخصوصية الذنب ، وبعبارة أوضح : ان ما يجده المذنبون من الم وأذى يوم القيامة هو نتيجة اعمالهم التي أحاطت بهم في الدنيا.
نقرا في القرآن كما في سورة يس الآية (٥٤) : (فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ونقرا في الآية (٣٣) من سورة الجاثية : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) وفي سورة القصص الآية