٤ ـ مفهوم الخلود في هذه الآيات
هل الخلود في الآيات ـ محل البحث ـ بمعنى البقاء الدائم؟! او هو بالمعنى اللغوي المراد منه المدّة الطويلة؟
قال بعض المفسّرين : بما انّ الخلود مقيد هنا بقوله (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) فإنّ الخلود ليس معناه البقاء الابدي الدائم ، لانّ السّماوات والأرض لا أبدية لهما ... وطبقا لصريح القرآن فإن يوما سيأتي تنطوي فيه السّماوات وتبدل الأرض الى ارض اخرى. (١).
ولكن ، مع ملاحظة انّ مثل هذه التعابير في اللغة العربية يراد بها البقاء الدائم ، فالآيات ـ محل البحث ـ ايضا تبيّن الدوام.
فمثلا تقول العرب : هذا الأمر قائم ما لاح كوكب ، او ما كرّ الجديدان (الليل والنهار) او ما أضاء فجر ، او ما اختلف الليل والنهار ، وأمثالها ... وهي كناية عن البقاء الدائم ، ونقرا عن الامام علي عليهالسلام في نهج البلاغة وذلك حين أشكل عليه بعض المنتقدين الجهلة على تقسيمه من بيت المال بالسويّة وعدم التمييز بين مقامات الناس لتوطيد دفة الحكم.
فانزعج الامام عليهالسلام وقال : «أتأمرني ان اطلب النصر بالجور في من وليت عليه؟ والله لا اطور به ما سمر سمير وما امّ نجم في السّماء نجما». (٢)
ونقرا في قصيدة دعبل الخزاعي المعروفة التي أنشدها في حضرة الامام علي بن موسى الرضا عليهالسلام هذا البيت :
سأبكيهم ما ذرّ في الأفق شارق |
|
ونادى منادي الخير في الصلوات (٣) |
وبالطبع فإنّ هذا الاستعمال ليس مخصوصا بلغة العرب وآدابها ، ففي اللغات
__________________
(١) كما في سورة ابراهيم ، الآية (٤٨) ، والأنبياء ، الآية (١٠٤).
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ١٢٦.
(٣) نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٤٠ وكتاب الغدير ، وكتب أخرى.