الاخرى يوجد مثل هذا الاستعمال ايضا ... على كل حال فإنّ دلالة الآية على الدوام قطعية وغير قابلة للنقاش.
٥ ـ ما معنى الاستثناء في الآية؟
الجملة الاستثنائية (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) التي وردت في الآيات المتقدمة في اهل الجنّة وفي اهل النّار ايضا ، اضحت ميدانا واسعا للمفسرين ومثارا للبحث ، وقد نقل المفسّر الكبير الطبرسي في تفسير هذا الاستثناء عشرة أوجه عن المفسّرين القدامى ، ونعتقد انّ كثيرا من هذه الأوجه ضعيف ولا ينسجم مع الآيات السابقة او اللاحقة ، ولذلك نغض النظر عنها ، ونورد ما نراه صحيحا هنا ، هو وجهان فحسب :
١ ـ الهدف في بيان هذا الاستثناء ان لا يتصور انّ الخلود في النار او في الجنّه جار على غير مشيئة الله وارادته بما يعطي معنى الإلزام وتحديد قدرة الله تعالى وارادته ، بل في الوقت الذي يكون اهل الجنّة واهل النار خالدين فيهما ، فإنّ قدرة الله وارادته حاكمة على الجميع ، وانّ العذاب والثواب يتحققان بمقتضى حكمته لكلّ من هذين الطرفين.
والشاهد على هذا الكلام ما ورد في الجملة الثّانية بعد الاستثناء وهي قوله تعالى : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) اي غير منقطع ، وهو دليل على انّ الجملة الاستثنائية لبيان قدرته فحسب.
٢ ـ وحيث تذكر الآيات هذين الطرفين (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) فليس الأشقياء هم الكفار المستحقين للخلود في النّار فقط بل قد يوجد بينهم مؤمنون من اهل الكبائر فيكون هؤلاء داخلين في هذا الاستثناء.
ولكن قد ينقدح هذا السؤال ايضا وهو : ما المراد من الاستثناء في الجملة الثّانية (التي تتحدث عن الذين سعدوا)؟