كمن يحدث نفسه قائلا : بما أنّه لا ينقصني عن الآخرين شيء ، ولا يوجد دليل على عدم استطاعتي التقدم أكثر منهم أو الوصول لمصافهم .. فلما ذا أمد عيني لما متع به الآخرين من مال وجاه وما شاكل ...
فصاحب الشخصية المستقلة لا يربط هدفه ومقصده من الحياة بالجوانب المادية البحتة فقط ، بل يطلبها لإشباع ما يحتاجه روحيا وتربويا ، ويطلبها لكي يحفظ بها استقلاله وحريته ، ولكي لا يكون عالة على الآخرين ، فهو لا يطلبها بحرص ، ولا يطلبها بكل ما يملك ، لأنّ ذلك ليس بيع الأحرار ، ولا هو بيع عباد الله الصالحين.
ونختم الحديث بالحديث النّبوي الشريف : «من رمى ببصره ما في يد غيره كثر همّه ولم يشف غيظه» (١).
٣ ـ تواضع القائد
لقد أوصي النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مرارا من خلال القرآن أن يكون مع المؤمنين متواضعا ، محبّا، سهلا ورحيما ، والوصايا ليست منحصرة بخصوص نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل هي عامّة لكل قائد وموجّه ، سواء كانت دائرة قيادته واسعة أم محدودة ، فعليه أن يأخذ بهذا الأصل الأساسي في الإدارة والقيادة الصحيحة.
إنّ حبّ وتعلق الأفراد بقائدهم من الأسس الفاعلية لنجاح القائد ، وهذا ما لا يتحقق من دون تواضعه وطلاقه وجهه وحبّه لخير أفراده.
أمّا خشونة وقساوة القائد فلا تؤدي إلّا إلى فصم رابطة الالتحام بينه وبين الأفراد ممّا يؤدي إلى تفرق وتشتت الناس عن قائدهم.
قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام في رسالته إلى محمّد بن أبي بكر : «فاخفض لهم
__________________
(١) تفسير الصافي ، في تفسير الآيات مورد البحث.