متناول الإنسان.
«القصد» : بمعنى صفاء واستواء الطريق ، فيكون معنى «قصد السبيل» الصراط المستقيم الذي ليس فيه ضلال ولا انحراف (١).
ولكن أي النحوين من الصراط المستقيم هو المراد ، التكويني أم التشريعي؟
اختلف المفسّرون في ذلك ، إلّا أنّه لا مانع من قصد الجانبين معا.
توضيح :
جهّز الله الإنسان بقوى متنوعة وأعطاه من القوى والقابليات المختلفة ما يعينه على سلوكه نحو الكمال الذي هو الهدف من خلقه.
وكما أنّ بقية المخلوقات قد أودعت فيها قوى وغرائز توصلها إلى هدفها ، إلّا أنّ الإنسان يمتاز عليها بالإرادة وبحرية الإختيار فيما يريده ، ولهذا فلا قياس بين الخط التصاعدي لتكامل الإنسان وبقية الأحياء الأخرى.
فقد هدى الله الإنسان بالعقل والقدرة وبقية القوى التكوينية التي تعينه للسير على الصراط المستقيم.
كما أرسل له الأنبياء والوحي السماوي وأعطاه التعليمات الكافية والقوانين اللازمة للمضي بهدي التشريع الرّباني في تكملة مشوار المسيرة ، وترك باقي السبل المنحرفة.
ومن لطيف الأسلوب القرآني جعل الأمر المذكور في الآية فريضة عليه جل شأنه فقال: (عَلَى اللهِ) ، وكثيرا ما نجد مثل هذه الصيغة في الآيات القرآنية ، كما في الآية (١٢) من سورة الليل (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) ، ولو دققنا النظر في سعة مدلول (عَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) وما أودع في الإنسان من هدي تكويني
__________________
(١) ذكر بعض كبار المفسّرين كالعلّامة الطباطبائي في الميزان أن «القصد» بمعنى (القاصد) في قبال «الجائر» أي المنحرف عن الحق.