ويكفينا من لطفه تعالى بأن يحسبنا من الشاكرين في حال اعتذرنا له واعترافنا بالعجز عن أداء حق الشكر الكامل.
ولكن هذا لا يمنع من أن نتتبع ونحصي النعم الرّبانية بقدر المستطاع ، لأنّ ذلك يزيدنا معرفة الله ، وعلما بعالم الخليقة ، وآفاق التوحيد الرحبة ، كما يزيد من حرارة عشقه سبحانه في أعماق قلوبنا ، وكذا يحرك فينا الشعور المتحسس بضرورة ووجوب شكر المنعم جل وعلا.
ولهذا نجد أنّ الأئمّة عليهمالسلام يتطرقون في أقوالهم وأدعيتهم ومناجاتهم إلى النعم الإلهية ويعدون جوانب منها ، عبادة لله وتذكيرا ودرسا للآخرين.
(وقد تناولنا مسألة شكر النعمة وعدم قدرة الإنسان على إحصاء النعم الإلهية عند بحث الآية الرّابعة والثّلاثين من سورة إبراهيم).
* * *
بحث
الطريق ، العلامة ، القائد :
تحدثت الآيات أعلاه عن الطرق الأرضية بكونها إحدى النعم الإلهية باعتبارها من أهم وسائل الارتباط في طريق التمدن الإنساني.
ولهذا عند وضع الخطط العمرانية لا بد معها من رسم وبناء خطوط الطرق المناسبة للمكان المقصود ، وإلّا لا يمكن أن يقام عمران.
ومع هذا ، فلا يمكننا حصر البيان القرآني بهذا الجانب فحسب ، بل يمكننا القول بأنّه يشمل حتى جوانب الحياة المعنوية للبشرية أيضا ، لأنّ الوصول إلى هدف مقدس يستلزم سلوك الطريق الصحيح لذلك الهدف.
بالإضافة إلى الأهمية الحيوية الوجود العلامات في تشخيص السبيل من بين كثرة السبل وتشابكها ، فإضاعة السبيل الأصلي ممكن في حال عدم وجود ما يدل