٣ ـ دور الإسلام في إعادة اعتبار المرأة :
لم يكن احتقار المرأة مختصا بعرب الجاهلية ، فلم تلق المرأة أدنى درجات الاحترام والتقدير حتى في أكثر الأمم تمدنا في ذلك الزمان ، وكانت المرأة غالبا ما يتعامل معها باعتبارها بضاعة وليست إنسانا محترما ، ولكنّ عرب الجاهلية جسدوا تحقير المرأة بأشكال أكثر قباحة ووحشية من غيرهم ، حتى أنّهم ما كانوا يدخلونهن في الأنساب كما نقرأ ذلك في الشعر الجاهلي المعروف :
بنونا بنوءابائنا وبناتنا |
|
بنوهن أبناء الرجال الأباعد |
وكانوا أيضا لا يورثون النساء ، ولم يجعلوا لتعدد الزوجات حدّا ، وعملية الزواج أو الطلاق أسهل من شربة الماء عندهم.
وعند ما ظهر الإسلام حارب بشدّة هذه المهانة من كافة أبعادها ، وبالخصوص مسألة اعتبار ولادة البنت عارا ، حتى وردت الرّوايات الكثيرة التي تؤكّد على أنّ البنت باب من أبواب رحمة الله للعائلة.
وأولى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ابنته فاطمة الزهراء عليهاالسلام من الاحترام ما جعل الناس في عجب من أمره ، حيث كان صلىاللهعليهوآلهوسلم مع ما يحظى به من شرف ومقام ، كان يقبل يد الزهراء عليهاالسلام ، وعند ما يعود من السفر يذهب إليها قبل أي أحد. وعند ما يريد السفر كان بيت فاطمة الزهراء عليهاالسلام آخر بيت يودّعه.
وحينما أخبر بولادة الزهراء عليهاالسلام ، رأى الانقباض في وجوه أصحابه فقال على الفور: «ما لكم! ريحانة أشمها ، ورزقها على الله عزوجل» (١).
وفي حديث أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «نعم الولد البنات ملطفات ، مجهزات ، مؤنسات ، مفليات» (٢).
وفي حديث آخر : «من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل الصدقة إلى قوم محاويج ، وليبدأ بالإناث قبل الذكور ، فإنّه من فرّح ابنته
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٥ ص ١٠٢.
(٢) وسائل الشيعة ، ج ١٥ ، ص ١٠٠.