الخليقة يسير دوما على صراط مستقيم ، وهذا السير سيوصله بأقرب وأسرع طريق إلى الهدف المنشود دون أن يفني ذخائر وجوده في طرق الضلال والانحراف.
وخلاصة القول : فالتوحيد والشرك ليسا أمرا عقائديا ذهنيا بحتا ، بل نظام كامل لكل الحياة ، وبرنامج واسع يشمل : فكر ، أخلاق وعواطف الإنسان ويتناول كذلك حياته الفردية ، الاجتماعية ، السياسية ، الاقتصادية والثقافية.
لو وضعنا مقايسة بين عرب الجاهلية المشركين والمسلمين في صدر الإسلام لوجدنا الفرق الواضح بين المسيرين ...
الأشخاص الذين كانوا في : جهل ، تفرقة ، انحطاط ، ولا يعرفون إلّا محيطا محدودا مملوءا بالفقر والفساد ، نراهم قد أصبحوا وكلهم : وحدة ، علم ، قدرة ... حتى أصبح العالم المتمدن في ذلك الزمان تحت تأثيرهم وقدرتهم .. كل ذلك بسبب تغيير سير خطواتهم من الشرك إلى التوحيد.
٢ ـ دور العدل والاستقامة في حياة الإنسان
من الملفت للنظر اشارة الآيات إلى الدعوة للعدل والسير على الصراط المستقيم من بين صفات وشؤون الموحدين ، لتبيان ما لهذين الأمرين من أهمية في خصوص الوصول إلى المجتمع الإنساني السعيد ، وهو ما يتم من خلال امتلاك برنامج صحيح بعيد عن أي انحراف يمينا أو شمالا (لا شرقي ولا غربي) ، ومن ثمّ الدعوة لتنفيذ ذلك البرنامج المبني على أصول العدل ، كما وينبغي أن لا يكون البرنامج وقتيا ينتهي بانقضاء المدّة ، بل كما يقول القرآن : (يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) (حيث يعطي الفعل المضارع معنى الاستمرار) برنامج مستمر ودائمي.