بمخرج أو لأعاقبنّك.
قال : قلت له : لا بأس عليك حتى تخبرني ، ولا بأس عليك حتى تشربه ..
وقال له من حوله مثل ذلك ...
فأقبل على الهرمزان وقال : خدعتني ، والله لا أنخدع إلّا أن تسلم فأسلم (١).
٢ ـ ما لا يقبل في نقض العهود :
إنّ قبح نقض العهد الشناعة بحيث لا أحدا على استعداد لأن يتحمل مسئولية بصراحة إلّا النادر من الناس حتى أن ناقض العهد يلتمس لذلك اعذارا وتبريرات مهما كانت واهية لتبرير فعلته. وقد ذكرت لنا الآيات أعلاه نموذجا لذلك .. فبعض المسلمين يتذرعون بحجج واهية ككثرة الأعداء وقلة المؤمنين للتنصل من عهودهم مع الله والنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فتكون مواقفهم متزلزلة ، في حين أنّ الأكثرية من حيث العدد لا تمثل القدرة والقوة في واقع الحال، وانتصار القلّة المؤمنة على الكثرة غير المؤمنة من الشواهد المعروفة في تأريخ البشرية ، ثمّ إنّ حصول القدرة والقوة للأعداء ـ على فرض حصولها ـ لا تسوغ لأن تكون مبررا مقبولا لنقض العهد ، ولو دققنا النظر في الإمر لرأينا في واقعة أنّه نوع من الشرك والجهل باللهعزوجل.
وقد تجسّد هذا الموضوع بعينه في عصرنا الحاضر ولكن بصورة أخرى ..
فقسم من الدول الإسلامية الصغيرة في الظاهر قد تنصلت عن أداء وظائفها في نصرة المؤمنين لخوفها من الدول الاستعمارية الكبرى ، فتقدم في حساباتها قدرة البشر الهزيلة على قدرة الله المطلقة ، وتلتجئ إلى غير الله وتخشى غيره ، وتنقض عهدها مع بارئها ، وكل ذلك من بقايا الشرك وعبادة الأصنام.
* * *
__________________
(١) الكامل في التاريخ ، ج ٢ ، ص ٥٩٤.