بحوث
١ ـ منابع الخلود
إنّ طبيعة الحياة في هذا العالم المادي هي الفناء والهلاك ، فأقوى الأبنية وأكثر الحكومات دواما وأشد البشر قدرة لا يعدون أن يصيروا في نهاية أمرهم إلى الضعف فالفناء ، وكل شيء معرض للتلف بلا استثناء في هذا الأمر.
أمّا لو تمكنت الكائنات من أن توجد لها ارتباطا على نحو ما مع الذات الإلهية المقدسة ، وتبقى تعمل لأجلها وفي سبيلها ، فإنّها والحال هذه ستصطبغ بصبغة الخلود ، لأنّ ذات الله المقدسة أبدية وأزلية وكل من ينتسب اليه يحصل على صبغة الأبدية.
فالأعمال الصالحة أبدية ، الشهداء لهم حياة أبدية ، والأنبياء والعلماء المخلصون والمجاهدون في سبيل الله يبقى ذكرهم خالدا في ذاكرة التاريخ .. لأنّهم يحملون الصبغة الإلهية.
ولهذا ، تذكّرنا الآيات أعلاه وتدعونا لأن ننفذ ذخائر وجودنا من الفناء ، ونودعها في صندوق لا تطاله يد الزمان ولا تفنيه الليالي والأيّام.
فهلموا لبذل الطاقات في سبيل الله وفي خدمة خلق الله ، وكسب رضا الباري ، لتصبح من مصاديق «عند الله» ولتكون باقية بمقتضى (ما عِنْدَ اللهِ باقٍ).
وروي عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلّا عن ثلاث:صدقة جارية ، علم ينتفع به ، وولد صالح يدعو له» (١).
وعن علي عليهالسلام أنّه قال : «شتّان ما بين عملين : عمل تذهب لذته وتبقى تبعته ، وعمل تذهب مؤنته ويبقى أجره» (٢).
__________________
(١) إرشاد الديلمي.
(٢) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم ١٢١.