فذكر الصدق مع الأمانة لاشتراكهما في جذر واحد ، وما الصدق إلّا الأمانة في الحديث ، وما الأمانة إلّا الصدق في العمل.
٢ ـ الكذب منشأ جميع الذنوب :
وقد اعتبرت الأحاديث الشريفة الكذب مفتاح الذنوب ..
فعن علي عليهالسلام أنّه قال : «الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنّة» (١).
وعن الباقر عليهالسلام أنّه قال : «إنّ الله عزوجل جعل للبشر أقفالا ، وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب ، والكذب شر من الشراب» (٢).
وعن الإمام العسكري عليهالسلام أنّه قال : «جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحها الكذب» (٣).
فالعلاقة بين الكذب وبقية الذنوب تتلخص في كون الكاذب لا يتمكن من الصدق، لأنّه سيكون موجبا لفضحه ، فتراه يتوسّل بالكذب عادة لتغطية آثار ذنوبه.
وبعبارة أخرى : إنّ الكذب يطلق العنان للإنسان للوقوع في الذنوب ، والصدق يحدّه.
وقد جسد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الحقيقة بكل وضوح عند ما جاءه رجل وقال له : يا رسول الله ، إنّي لا أصلي وأرتكب القبائح وأكذب ، فأيّها أترك أوّلا؟.
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الكذب» ، فتعهد الرجل للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يكذب أبدا.
فلمّا خرج عرضت له نيّة منكر فقال في نفسه : إن سألني رسول الله غدا عن أمري، ما ذا أقول له! فإن أنكرت كان كاذبا ، وإن صدقت جرى عليّ الحد. وهكذا
__________________
(١) مشكاة الأنوار للطبرسي ، ص ١٥٧.
(٢) أصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٢٥٤.
(٣) جامع السعادات ، ج ٢ ، ص ٢٣٣.