ما أردنا هو أنّ من يستنكر التقية ويذمها إنّما هو جاهل بشروطها وفلسفتها.
وثمة حالات تحرم فيها التقية ، حينما يكون حفظ النفس فيها سببا لزوال الدين نفسه، أو قد تؤدي التقية لحدوث فساد عظيم ، فيجب والحال هذه كسر طوق التقية واستقبال كل خطر يترتب على ذلك (١).
٢ ـ المرتد الفطري والملي و.. المخدوعين :
لا يواجه الإسلام الذين لا يعتنقون الإسلام من (أهل الكتاب) بالشدّة والقسوة وإنّما يدعوهم باستمرار ويتحدث معهم بالمنطق السليم ، فإذا لم يقتنعوا وراموا البقاء على ديانتهم فيعطون الأمان والتعهد بحفظ أموالهم وأرواحهم ومصالحهم المشروعة بعد أن يعلنوا قبول شرط أهل الذمة في عهدهم مع المسلمين.
أمّا الذين يقبلون الإسلام ومن ثمّ يرتدون عنه فيواجهون بشدّة وعنف ، لأنّ عملا كهذا يؤدي إلى أضرار فادحة تصيب المجتمع الإسلامي ، وهو بمثابة نوع من الحرب ضد الحكومة الإسلامية ، وغالبا ما يصدر مثل هذا العمل مستبطنا النية السيئة بإيصال أسرار المجتمع الإسلامي (ونقاط القوة والضعف) ليد الأعداء المتربصين للمسلمين الدوائر.
فلهذا ، من انعقدت نطفته وكان أبواه مسلمين عند انعقاد النطفة (مسلم الولادة) ثمّ تثبت المحكمة الإسلامية بأنّه قد ارتد عن الإسلام يباح دمه ، تقسّم أمواله على ورثته ، تبيّن عنه زوجته ، وظاهرا لا تقبل توبته ، أي أنّ هذه الأحكام الثلاثة تجري في حقه على كل حال ، ولكن إذا ندم وتاب صادقا ، فإنّ توبته ستقبل عند الله تعالى (وتوبة المرأة تقبل على الإطلاق).
__________________
(١) لأجل المزيد من الإيضاح في مسألة التقية وأحكامها وفلسفتها وأدلتها ، راجعوا كتابنا (القواعد الفقهية) ، الجزء الثالث.