مَرَّةٍ).
وهم لا يعكفون بذلك ، بل سيحتلّون جميع بلادكم ويدمرّونا عن آخرها : (وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) وفي هذه الحالة فإنّ أبواب التوبة الإلهية مفتوحة : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ).
(وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) أي إن عدتم لنا بالتوبة فسوف نعود عليكم بالرحمة ، وإن عدتم للإفساد عدنا عليكم بالعقوبة. وإذا كان هذا جزاؤكم في الدنيا ففي الآخرة مصيركم جهنم : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) (١).
* * *
ملاحظات
الأولى : الإفسادان التأريخيان لبني إسرائيل :
تحدثت الآيات أعلاه عن فسادين اجتماعيين كبيرين لبني إسرائيل ، يقود كل منهما إلى الطغيان والعلو ، وقد لاحظنا أنّ الله سلّط على بني إسرائيل عقب كل فساد رجال أشدّاء شجعانا يذيقونهم جزاء فسادهم وعلوهم وطغيانهم ، هذا مع استثناء الجزاء الأخروي الذي أعدّه الله لهم.
وبالرغم من اتساع تاريخ بني إسرائيل ، وتنوّع الأحداث والمواقف فيه ، إلّا أنّ المفسّرين يختلفون في كل المرّات التي يتحدّث القرآن فيها عن حدث أو موقف من تاريخ بني إسرائيل وعلى سبيل التدليل على هذه الحقيقة تتعرّض فيما يلي للنماذج الآتية :
أوّلا : يستفاد من تاريخ بني إسرائيل بأنّ أول من هجم على بيت المقدس وخرّبه هو ملك بابل «نبوخذ نصر» حيث بقي الخراب ضاربا فيه لسبعين عاما ، إلى
__________________
(١) «حصير» مشتقة من «حصر» بمعنى الحبس ، وكل شيء ليس له منفذ للخروج يطلق عليه اسم «حصير». ويقال للحصير العادية حصيرا لأنّ خيوطها وموادها نسجت إلى بعضها البعض.