بحوث
١ ـ التفؤل والتطير
التفؤل والتطيّر كانا موجودين بين جميع الأمم ولا يزالان كذلك. ويظهر أنّ مصدرهما هو عدم القدرة على اكتشاف الحقائق ، والغفلة عن علل الحوادث. وعلى أية حال ، ليست هناك آثار طبيعية فعلية لهذين الأمرين ، ولكن لهما آثارا نفسية ، إذ (التفاؤل) يبعث على الأمل بينما «التطيّر» يؤدي إلى اليأس والعجز.
ولأنّ الإسلام يؤكّد دائما على الأمور الإيجابية ، ويدفعها مشجعا إيّاها ، لذا فإنّه لم ينه عن (التفاؤل) ولكنّه أدان وبشدّة «التطيّر» حتى أنّه في بعض الرّوايات اعتبر ذلك من الشرك ، إذ جاء الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : «الطيرة شرك» وقد بحثنا هذا الموضوع بشكل مفصّل في نهاية الآية (١٣١) من سورة الأعراف (١).
الظريف في الأمر أنّ الإسلام يقوم دائما بتوجيه مثل هذه الأمور الوهمية ويحاول توظيفها في مجراها الصحيح والبنّاء ، حتى يمكن الاستفادة منها.
فمثلا ممّا هو شائع بين الناس أنّ الزوجة الفلانية قدمها خير ، بينما الأخرى قدمها في بيت زوجها شرّ ونحس ، وكذلك شائع أن الزوجة الفلانية ومنذ أن دخلت بيت زوجها حصل كذا وكذا (خيرا أم شرا) بينما واقع الحال إنّ هذه الأمور خرافية وهمية ، لكن الإسلام أعطى بعضها ـ من خلال توجيهه ـ شكلا بناء ومضمونا تربويا ، فعن الإمام الصادق عليهالسلام نقرأ : «من شؤم المرأة غلاء مهرها وشدّة مؤنتها» (٢). وفي حديث آخر عن رسول الهدى صلىاللهعليهوآلهوسلم نقرأ : «أمّا الدار فشؤمها ضيقها وخبث جيرانها» (٣).
__________________
(١) يراجع التّفسير «الأمثل» عند تفسير قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ ، أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ، (الأعراف ١٣١).
(٢) راجع وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ١٠٤.
(٣) راجع سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٦٨٠.