غير محدودة ـ فإن تفاوتها غير محدود ، إذ يقول تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً).
قد يقول قائل هنا : إنّنا نرى في هذه الدنيا أفرادا يحصلون على أرباح كثيرة بدون أي سعي أو جهد.
الجواب : إنّ وجود هؤلاء يعبّر عن حالات استثنائية لا يمكن اعتبارها قاعدة في مقابل الأصل الكلي ، المتمثل في الجهد والسعي ودورهما في نجاح الإنسان وتوفيقه. وبذلك فإنّ هذه الاستثناءات الثانوية لا تنافي الأصل الأساسي.
وأخيرا ، وقبل أن ننتقل إلى الملاحظات ، ينبغي أن ننّبه إلى أنّ السعي وبذل الجهد لا يتعلقان بالكمية والمقدار فقط ، ففي بعض الأحيان يكون السعي القليل ذو الكيفية العالية أكثر أثرا من السعي الكثير والكيفية الدانية.
* * *
بحوث
أوّلا : هل الدنيا والآخرة تقعان على طرفي نقيض؟
في الواقع إنّنا نرى في كثير من الآيات القرآنية مدحا وتمجيدا للدنيا وبإمكانها المادية ، ففي بعض الآيات اعتبر المال خيرا (سورة البقرة آية ١٨٠). وفي آيات كثيرة وصفت العطايا والمواهب المادية بأنّها فضل الله (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) (١). وفي مكان آخر نقرأ قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (٢). وفي آيات كثيرة أخرى وصفت نعم الدنيا بأنها مسخّرة لنا (سَخَّرَ لَكُمُ).
وإذا أردنا أن نجمع كل الآيات التي تهتم بالإمكانات المادية وتؤكد عليها ،
__________________
(١) الجمعة ، ١٠.
(٢) البقرة. ٢٩.