أذنبوا رجعوا إلى خالقهم. وقد تكون صيغة المبالغة في «أوّاب» هي إشارة إلى تعدّد عوامل العودة والرجوع إلى الله. فالإيمان بالله أوّلا ، والتفكير بحكمة يوم الجزاء والقيامة ثانيا ، والضمير الحي ثالثا ، والتفكير بعواقب ونتائج الذنوب رابعا ، كل هذه العوامل تعمل سوية لأجل عودة الإنسان من طريق الانحراف ، نحو الله.
* * *
بحوث
أوّلا : احترام الوالدين في المنطق الإسلامي
بالرغم من أنّ العاطفة الإنسانية ومعرفة الحقائق ، يكفيان لوحدهما لاحترام ورعاية حقوق الوالدين ، إلّا أنّ الإسلام لا يلتزم الصمت في القضايا التي يمكن للعقل أن يتوصل فيها بشكل مستقل ، أو أن تدلّ عليها العاطفة الإنسانية المحضة ، لذلك تراه يعطي التعليمات اللازمة إزاء قضية احترام الوالدين ورعاية حقوقهما ، بحيث لا يمكن لنا أن نلمس مثل هذه التأكيدات في الإسلام إلّا في قضايا نادرة أخرى.
وعلى سبيل المثال يمكن أن تشير الفقرات الآتية إلى هذا المعنى :
ألف : في أربع سور قرآنية ذكر الإحسان إلى الوالدين بعد التوحيد مباشرة ، وهذا الاقتران يدل على مدى الأهمية يوليها الإسلام للوالدين.
ففي سورة البقرة آية (٨٣) نقرأ : (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً).
وفي سورة النساء آية (٣٦) نقرأ قوله تعالى : (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً). أما الآية (١٥١) من سورة الأنعام فإنّها تقول : (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً). وفي الآية التي نبحثها نقرأ قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً).
ب ـ إنّ مسألة احترام الوالدين ورعاية حقّهما من المنزلة بمكان ، حتى أنّ