و ـ عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إيّاك وعقوق الوالدين فإنّ ريح الجنّة توجد من ميسرة ألف عام ولا يجدها عاقّ» (١).
هذا التعبير ينطوي على إشارة لطيفة ، إذ أن مثل هؤلاء الأشخاص (العاقين) ليسوا لا يدخلون الجنّة وحسب ، بل إنّهم يبقون على مسافة بعيدة جدا منها ولا يستطيعون الاقتراب منها.
وينقل «سيد قطب» حديثا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جاء فيه : «عن بريدة عن أبيه، أنّ رجلا كان في الطواف حاملا أمّه يطوف بها ، فرأى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فسأله : هل أديت حقّها؟ فأجابه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ، ولا بزفرة واحدة».
ويقصد بالزفرة الواحدة الوجعة الواحدة ، أو الطلقة الواحدة ، التي تغشى الأم حين الولادة والوضع (٢).
إذا أردنا نطلق العنان للقلم في هذا المجال ، فسيطول بنا المقام ونبتعد عن التّفسير، لكن ـ بصراحة ـ يجب أن نعترف بأنّ كل ما يقال في هذا المجال فهو قليل ، لأنّ الوالدين حق العيش والحياة على الولد.
في نهاية هذه الفقرة ، أشير إلى أنّ الوالدين ـ في بعض الأحيان ـ يقترحان على الأبناء أشياء غير منطقية وحتى ـ غير شرعية ، طبعا في مثل هذه الحالات لا تجب الطاعة ، ولكن من الأفضل أن يتسم التعامل معهما بالهدوء والمنطق ، وأن تتم عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأحسن وجه.
أخيرا نختم الكلام بحديث عن الإمام الكاظم عليهالسلام قال فيه : إنّ رجلا جاء النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم يسأله عن حق الأدب على ابنه ، فأجابه صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : «لا يسميه باسمه، ولا يمشي بين يديه ، ولا يجلس قبله ، ولا يستسب له» (٣) (اي لا يفعل شيئا يؤدي
__________________
(١) جامع السعادات ، ج ٢ ، ص ٢٥٧.
(٢) في ظلال القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٢٢٢ ، الطبعة العاشرة.
(٣) نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ١٤٩.