تعالى : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ).
ج ـ ينبغي ترشيد المستوى الفكري والثقافي في حياة الإنسان المسلم لأنّ إتباع غير العلم هو سمة يختص بها الجهلاء الذين ما إن يستمعوا إلى إشاعة معينة حتى يصدّقوا بها ، ويجعلوا منها قاعدة للحكم على القضايا ومقياسا لآرائهم.
ثانيا : الكبر والغرور :
الآية التي بعدها تدعو إلى محاربة الكبر والغرور ، وبتعبير واضح ولطيف تنهي المؤمنين عن هاتين الصفتين حيث تخاطب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقول : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً)(١). لماذا؟ (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً). وهذه إشارة إلى سلوك المتكبرين والمغرورين الذي يضربون الأرض بعنف أثناء مشيهم لكي يلتفت الناس إليهم ، ويرفعون رؤوسهم في السماء علامة على أفضليتهم المزعومة بين الناس ، لهؤلاء تقول الآية : (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً). إذ مثل هؤلاء كالنملة التي تمشي على صخرة كبيرة وتضرب برجلها عليها ، إلّا أن الصخرة تسخر من حماقتها. ثمّ أنت أيّها المتكبر هل تستطيع ـ مهما رفعت رأسك في السماء ـ أن تكون مثل الجبال علوا ، إنّك مهما تفعل لا ترتفع سوى سنتيمترات قليلة ، وحتى هذه الجبال لن تكون شيئا إزاء الكرة الأرضية ، والكرة الأرضية تعتبر ذرّة سابحة في عالم الوجود!
إذن فما هذا الكبر والغرور الموجود عندك أيّها الإنسان؟!
الظريف في الأمر ، أنّ القرآن لم يبحث مباشرة هذه الصفات الداخلية الخطرة في تركيب الإنسان ووجوده (أي التكبر والغرور) وإنّما أشار إليها من خلال آثارها والظواهر السلوكية التي تنتج عنها ، حيث تحدّث القرآن عن مشية المتكبر
__________________
(١) «مرح» على وزن فرح ، وهي تعني الفرح الشديد قبال موضوع باطل لا أساس له.