بدون الاعتقاد بوجود الله لا يمكن توجيه مسألة التكامل.
وقد كتب عن داروين بما نصه : (إنّه بقي مؤمنا بالله الواحد رغم قبوله بالعلل الطبيعية في ظهور الأنواع المختلفة من الأحياء ، وقد كان إحساسه بوجود قدرة ما فوق البشر يشتد في أعماقه كلما تقدم في السن ، معتبرا أن لغز الخلق يبقى لغزا محيرا للإنسان)(١).
كان يعتقد أن توجيه هذا التكامل النوعي المعقد والعجيب ، وتحويل كائن حي بسيط جدّا إلى كل هذه الأنواع المختلفة من الأحياء لا يتمّ إلّا بوجود خطة دقيقة يضعها ويسيرها عقل كلي.
وهو كذلك .. إذ كيف يمكن إيجاد كل هذه الأنواع العجيبة والمحيرة والتي لكل منها تفصيلات وشؤون واسعة ، من مادة واحدة بسيطة جدا وحقيرة .. كيف يمكن ذلك بدون الاستناد على علم وقدرة مطلقين؟!
النتيجة : إنّ الضجّة المفتعلة في وجود تضاد بين عقيدة التكامل النوعي وبين مسألة الإيمان بالله إنّما هي بلا أساس وفاقدة للدليل (سواء قبلنا بالفرضية أو لم نقبلها).
تبقى أمامنا مسألة جديرة بالبحث وهي : هل أنّ فرضية تطور الأنواع تتعارض مع ما ذكره القرآن حول قصة خلق آدم ، أو لا؟
القرآن ومسألة التكامل :
الجدير بالذكر أن كلّا من مؤيدي ومنكري فرضية التكامل النوعي ـ نعني المسلمين منهم ـ قد استدل بآيات القرآن الكريم لإثبات مقصوده ، ولكنّهما في بعض الأحيان وتحت تأثير موقفهما قد استدلا بآيات لا ترتبط بمقصودهما إلّا من
__________________
(١) الداروينية ، تأليف محمود بهزاد ، الصفحة ٧٥ و ٧٦.