٣ ـ الحقد والحسد عدوّا الأخوة :
من لطيف ما يلاحظ في هذه الآيات أنّها بعد أن ذكرت نعمة السلامة والأمن ، وقبل أن تتعرض لبيان حال الأخوّة والألفة التي سيكون عليها أهل الجنّة ، أشارت إلى مسألة نزع الصفات المانعة للأخوّة ، كالحقد والحسد والغرور والخيانة ، جامعة كل ذلك بكلمة الغل» ذات المفهوم الواسع.
وفي الحقيقة ، إنّ قلب الإنسان ما لم يطهر من هذا «الغل» فسوف لا تتحقق نعمة السلامة والأمن ولا الأخوّة والمحبّة ، بل الحروب والمظالم والمجابهات والصراعات على الدوام ، وهو ما يؤدي إلى قلع جذور الأخوّة والسلامة والأمن من الحياة.
٤ ـ الجزاء الكامل :
يقول بعض المفسّرين : إنّ الجزاء لا يكتمل إلّا بأربعة أمور : منافع وخيرة ، أن تكون مقرونة بالاحترام ، خالية من أيّ ألم ، دائمة وخالدة.
وقد أشارت الآيات مورد البحث إلى هذه الأمور الأربعة ...
فعبارة (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) إشارة إلى المنفعة الأولى.
وعبارة (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) دليل على الاحترام والتقدير.
وعبارة (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) إشارة إلى نفي أي نوع من الآلام والمعاناة الروحية (النفسية).
وعبارة (لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ) إشارة إلى نفي الآلام الجسمانية.
أمّا عبارة (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) فهي حاكية عن آخر شرط ، وهو دوام وبقاء النعم.