٣ ـ علاقة الرّبط بين «المتوسم» و «المؤمن».
لاحظنا تعبير (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) و (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) في الآيات الحاكية عن قصّة قوم لوط ، والجمع بين التعبيرين يعطينا : أنّ المؤمن الحقيقي هو المتوسم الذي ذو الفراسة والنباهة.
وفي رواية عن الإمام الباقر عليهالسلام عند ما سئل عن تفسير قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : هم الأمّة ، ثمّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اتقوا فراسة المؤمن، فإنّه ينظر بنور الله عزوجل» (١).
وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «هم الأئمّة» (٢).
وروي أن أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنّه قال : «كان رسول الله المتوسم ، وأنا من بعده، والأئمّة من ذريتي المتوسمون» (٣).
٤ ـ سكر الشّهوة والغرور!
إن سكر الخمر معروف ، وثمة سكر أشد منه آثارا كسكر المنصب وسكر الشهوة ، وقرأنا في الآيات السابقة كيف أن الله يقسم بروح نبيّه (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) ، ولهذا فإنّهم لا يبصرون أوضح طرق النجاة ، وبلغ بهم الحال أن يردوا ما عرض عليهم نبيّهم عليهمالسلام أن يشبعوا شهواتهم بالطريق الصحيح المشروع ليتخلصوا من الذنوب والتلوثات وقبائح الأفعال!
والذي نستفيده من موقف لوط عليهالسلام هو أنّ مكافحة الفساد لا يتم بالنهي عنه فقط، بل لا بدّ من تهيئة وتعبيد الطريق المعبدة البدلية ، لينتقل الضال أو المضلل به من جادة الفساد إلى جادة الصلاح ، فلا بد من تهيئة الأوضاع والأجواء السليمة
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٢٣.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.