أمّا أولياء الحق وعباد الله المخلصون الحقيقيون فلا ييأسون عند ما يقعون في المشاكل والمحن ، بل تزيدهم الصعوبات استقامة وصلابة على طريق الهدى ، وبسبب اعتمادهم على الله وعلى أنفسهم فإنّهم يتمتعون بقوّة لمواجهة المشاكل ولا معنى لليأس في وجودهم.
إنّ هؤلاء ليسوا على صلة بالخالق في أوقات المشكلات وحسب ، وإنّما في اتصال دائم معه في كل الحالات إذ يستمدون العون منه تعالى ، وتكون قلوبهم منيرة برحمته وهدايته.
٢ ـ ما معني (شاكلة)؟
«شاكلة» في الأصل مشتقة من (شكل) وهي تعني وضع الزمام والرباط للحيوان. و (شكال) تقال لنفس الزمام ؛ وبما أنّ طبائع وعادات كل إنسان تقيّده بصفات معينة لذا يقال لذلك «شاكلة». أمّا كلمة «إشكال» فتقال للاستفسار والسؤال وسائر الأمور التي تحدّد الإنسان نوعا ما (١).
لهذا فإنّ مفهوم الشاكلة لا يختص بالطبيعة الإنسانية ، لذلك ذكر العلّامة الطبرسي في مجمع البيان لهذه الكلمة معنيين ، هما : الطبيعة والخلقة ، ثمّ الطريقة والمذهب والسنّة ، على اعتبار أنّ كل واحدة من هذه الأمور تحدّد الإنسان من حيث العمل.
ومن هنا يتّضح خطأ أولئك الذين اعتبروا الآية أعلاه دليلا على إلزامية الصفات الذاتية للإنسان بشكل يخرج عن إرادته ، وهو دليلهم على عقيدة الجبر ، وإذ أنكروا قيمة التربية والتزكية.
هذا النوع من التفكير الذي يخضع في أسبابه إلى عوامل سياسية واجتماعية ونفسية ـ والتي ذكرناها في بحوثنا عن الجبر والإختيار ـ له هيمنة على ثقافة
__________________
(١) مفردات الراغب مادة «شكل».