الحذر من هذا الاشتباه!
البعض يتصوّر أن الخلايا الدماغية لا تتغّير ، ويقولون : لقد قرأنا في الكتب الفسيولوجية أنّ عدد الخلايا الدماغية واحد وثابت منذ البداية وحتى نهاية العمر ، وهي لا تزيد ولا تنقص وإنّما تكبر. لذلك إذا أصيبت بخلل فلن تكون قابلة للعلاج. وعلى هذا الأساس فإنّنا نملك وحدة ثابتة في مجموع بدننا ، هذه الوحدة هي الخلايا الدماغية التي تحفظ لنا وحدة شخصيتنا.
إنّ هذا الكلام ـ في الواقع ـ يمثل اشتباها كبيرا ، فهو خلط بين مسألتين ، إذ أن ما أثبته العلم من ثبات عدد الخلايا الدماغية منذ البداية حتى النهاية وأنّها غير قابلة للزيادة والنقصان ، لا يعني أنّ الذرات المكوّنة لهذه الخلايا لا تتغيّر ، فكما قلنا : إنّ خلايا الجسم التي تأخذ الطعام وتطرد الذرات القديمة بالتدريج تكون خاضعة للتغيير ، مثلها في ذلك مثل ذلك الشخص الذي يأخذ المال من طرف وينفقه من طرف آخر ، فهذا الشخص سيتغير رأس ماله بالتدريج ، بالرغم من أن مقدار رأس المال لم يتغيّر. وكذلك يمكن أن نذكّر بمثال ماء المسبح.
لذلك ، يتبيّن أنّ الخلايا الدماغية ليست ثابتة ، بل متغيّرة مثل سائر خلايا الجسم.
ثالثا : عدم تطابق الكبير مع الصغير
افترضوا أنّنا جلسنا على ساحل البحر ، وشاهدنا أمامنا عددا من الزوارق مع باخرة كبيرة ، ثمّ نظرنا إلى جانب الشمس فرأيناها تميل للغروب ، بينما القمر بدأ يبزغ من الجانب الآخر. وعلى الشاطئ هناك صفوف من طيور الماء الجميلة وقد اقترب بعضها نحو الماء. ونشاهد على الطرف الآخر جبلا عظيما تناطح قمته السماء علوا. والآن ، إزاء هذا المنظر ، لنغمض عيوننا برهة من الزمن ونتخيل ما شاهدناه : جبل عظيم ، بحر واسع ، سفينة كبيرة ، كل هذه الأمور ترتسم في مخيلتنا