تقوم بهذا العمل ، لكن هذا التّفسير بعيد ، لأنّ مثل هذه التعابير لها محل آخر لا يتناسب مع ما نبحثه الآن.
الظاهر أنّ الغرض من استخدام تعبير (مثل) في هذه الآية هو إعادة الحياة. فإعادة الخلق مرّة ثانية لا تكون حتما كالمرّة الأولى ، حيث هناك على الأقل زمان آخر وظروف أخرى ، وصورة جديدة بالرغم من أنّ المادة هي نفس المادة القديمة. وكمثال لذلك إذا جمعنا اجزاء متناثرة لقطعة من الآجر ووضعناها في قالبها القديم ، فإنّنا لا نستطيع أن نقول عن الآجر الجديد أنّه نفس قطعة الآجر القديمة ، بالرغم من أنّه ليس إلّا الطين السابق. بل نقول: إنّه مثله. وهذا دليل على التعابير المختارة والمنتخبة في القرآن الكريم.
ومن المسلّم به أنّ روح الإنسان تحدّد شخصيته ، ونحن نعلم أنّ الروح الأولى هي التي عند البعث ، إلّا أنّ المعاد الجسماني يقول لنا : إنّ الروح ستكون مع نفس المادة الأولى ، يعني أنّ تلك المادة المتلاشية ستتجمّع مرّة أخرى وتندمج مع روحها ، وفي موضوع المعاد أثبتنا أن روح الإنسان بعد أن تتخذ شكلا معينا لا يمكنها أن تنسجم مع غير جسدها الأصلي الذي تربت وعاشت معه. وهذا هو السر في البعث الروحي والجسدي معا.
٤ ـ ما هو (الأجل)؟
إنّ (الأجل) هو نهاية العمر. ولكن هل (الأجل) في هذه الآيات إشارة إلى نهاية العمر ... أو هو إشارة إلى نهاية عمر الدنيا وبداية البعث؟
وبما أنّ الحديث يدور حول المعاد ، لذا فإنّ المعنى الثّاني أكثر صحة. وأمّا ما قاله بعض المفسّرين الكبار من أنّ هذا الكلام لا يتناسب مع جملة (لا رَيْبَ فِيهِ) لأنّ منكري المعاد كانوا يشكّون حتما في قضية المعاد. فإنّ ذلك غير صحيح ، لأنّ مفهوم مثل هذا التعبير هو أنّه يجب أن لا نسمح للشك بأنّ يدخل إلى أنفسنا نحن ،