يسجدونها تقول الآية التي بعدها : (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً).
إنّ تكرار جملة (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ) دليل على التأكيد ، وعلى الاستمرار أيضا.
الفعل المضارع (يبكون) دليل على استمرار البكاء بسبب حبّهم وعشقهم لخالقهم.
واستخدام الفعل المضارع في جملة (يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) دليل على أنّهم لا يتوقفون أبدا على حالة واحدة ، بل يتوجهون باستمرار نحو ذروة التكامل ، وخشوعهم دائما في زيادة (الخشوع هو حالة من التواضع والأدب الجسدي والروحي للإنسان في مقابل شخصية معينة أو حقيقة معينة).
* * *
بحثان :
١ ـ التخطيط للتربية والتعلم
من الدروس المهمّة التي نستفيدها من الآيات أعلاه ، هو ضرورة التخطيط لأي ثورة أو نهضة ثقافية أو فكرية أو اجتماعية أو تربوية ، فإذا لم يتمّ تنظيم مثل هذا البرنامج فالفشل سيكون النتيجة الحتمية لمثل هذه الجهود. إنّ القرآن الكريم لم ينزل على رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم مرّة واحدة بالرغم من أنّه كان موجودا في مخزون علم الله كاملا ، وقد تمّ عرضه في ليلة القدر على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دفعة واحدة ، إلّا أنّ النّزول التدريجي استمرّ طوال (٢٣) سنة ، وضمن مراحل زمنية مختلفة وفي إطار برنامج عملي دقيق.
وعند ما يقوم الخالق جلّ وعلا بهذا العمل بالرغم من عمله وقدرته المطلقة وغير المتناهية ... عند ذلك سيتّضح دورنا وتكليفنا نحن إزاء هذا المبدأ. وعادة ما يكون هذا قانونا وتكليفا إلهيا ، حيث أنّ وجوده العيني لا يختص بعالم التشريع