٧ ـ تخوّف المشركين من نداء التوحيد
في الآيات السابقة عرفنا كيف أنّ المشركين كانوا يتخوفون من نداء التوحيد وكانوا يفرون منه ، لأنّ أساس حياتهم قائم على الشرك وعبادة الأصنام ، وكل النظم التي كانت تحكم مجتمعاتهم كانت تقوم على أساس قواعد الشرك وأصوله.
إذن ، فالتوحيد لا ينسف عقائدهم المذهبية وحسب ، بل يهدم نظامهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي الذي يقوم على أساس الشرك.
فالحكومة مثلا ستكون بيد المستضعفين ، وستسقط حكومة المستكبرين ، وسينتهي التقسيم الطبقي ، والاستغلال وغيرها من الظواهر السلبية التي تعتبر بأجمعها نتائج للأنظمة الكافرة. لذا فإنّ زعماء الشرك كانوا يحاولون ـ بقوة ـ ألّا يصل صوت التوحيد إلى آذان الآخرين ، ولكنّهم ـ كما تشير الآيات القرآنية ـ كانوا يظلمون المستضعفين وكانوا يظلمون أنفسهم أيضا ، لأنّ أي ظالم ومنحرف إنّما يحفر قبره بيده.
والطّريف أن القرآن يقول : إنّ هؤلاء المشركين ، ولأجل تبرير فجورهم واستمرار كفرهم كانوا يسألون دوما عن موعد يوم القيامة متى تقوم : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) (١) وهذه إشارة إلى تهربهم من تحمّل المسؤولية.
* * *
__________________
(١) سورة القيامة ، الآيتان ٥ ، ٦.