ينسوهم أبدا ، بالإضافة إلى ما يتبرك به الناس من آثارهم : (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً).
وفي تفسير الآية ذكرت احتمالات أخرى سنقف على بعضها في البحوث.
الآية التي بعدها تشير إلى بعض الاختلافات الموجودة بين الناس حول أصحاب الكهف ، فمثلا تتحدث الآية عن اختلافهم في عددهم فتقول : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ). وبعضهم (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ). وذلك منهم (رَجْماً بِالْغَيْبِ). وبعضهم (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ). أمّا الحقيقة فهي: (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ). ولذلك لأنّه (ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ).
وبالرغم من أنّ القرآن لم يشر إلى عددهم بصراحة ، لكن نفهم من العلامات الموجودة في الآية أنّ القول الثّالث هو الصحيح المطابق للواقع ، حيث أنّ كلمة (رَجْماً بِالْغَيْبِ) وردت بعد القول الأوّل والثّاني ، وهي إشارة إلى بطلان هذين القولين ، إلّا أنّ القول الثّالث لم يتبع بمثل الاستنكار بل استتبع بقوله تعالى : (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ) وأيضا بقوله (ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ) وهذا بحدّ ذاته دليل على صحة هذا القول (الثّالث).
وفي كل الأحوال فإنّ الآية تنتهي بنصيحة تحت على عدم الجدال حولهم إلّا الجدل القائم على أساس المنطق والدليل : (فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً).
(مراء) كما يقول الراغب في مفرداته ، مأخوذة في الأصل من (مريت الناقة) بمعنى قبضت على (ضرع) الناقة لأحلبها ، ثمّ أطلق المعنى بعد ذلك ليشمل الأشياء الخاضعة للشك والترديد.
وقد تستخدم كثيرا في المجادلات والدفاع عن الباطل ، إلّا أنّ أصلها لا يختص بهذا المعنى ، بل تتسع لكل أنواع البحوث والمفاوضات حول أي موضوع كان موضعا للشك.
«ظاهر» تعني غالب ومسيطر ومنتصر. لذا فالآية تقول : (فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا