وَازْدَادُوا تِسْعاً) (١).
ووفقا للآية فإنّ مجموع نومهم وبقائهم في الكهف هو (٣٠٩) سنة. والبعض يرى أن ذكر ثلاثمائة وتسعة مفصولة بدلا عن ذكرها في جملة واحدة ، يعود إلى الفرق بين السنين الشمسية والسنين القمرية حيث أنّهم ناموا (٣٠٠) سنة شمسية ، وبالقمري تعادل (٣٠٩). وهذا من لطائف التعبير حيث أوجز القرآن بعبارة واحدة صغيرة ، حقيقة كبيرة تحتاج إلى شرح واسع (٢).
ومن أجل وضع حد لأقاويل الناس حول مكثهم في الكهف تؤكّد الآية : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) لماذا؟ لأن : (لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
والذي يعرف خفايا وظواهر عالم الوجود ويحيط بها جميعا ، كيف لا يعرف مدّة بقاء أصحاب الكهف : (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) (٣) ولهذا السبب فإنّ سكان السماوات والأرض:(ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ).
أمّا من هو المقصود بالضمير (هم) في (مالهم) فقد ذكر المفسّرون أقوالا كثيرة ، إذا يعتقد البعض أنّها اشارة إلى سكان السماوات والأرض ، أمّا البعض الآخر فيعتقد أن الضمير إشارة إلى أصحاب الكهف ، بمعنى أنّ أصحاب الكهف لا يملكون وليا من دون الله، فهو الذي تولاهم في حادثة الكهف ، وقام بحمايتهم.
ولكن بالنظر إلى الجملة التي قبلها ، يكون التّفسير الأوّل أقرب.
وفي نهاية الآية يأتي قوله تعالى : (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً). هذا الكلام هو في الحقيقة تأكيد على الولاية المطلقة للخالق جلّ وعلا ، إذ ليس هناك قدرة
__________________
(١) طبقا للقواعد النحوية يجب أن تأتي كلمة (سنة) والتي هي مفرد بدلا من (سنين) التي هي جمع ، ولكن بما أن النوم كان طويلا للغاية ، وعدد السنوات كثيرا ، لذا ذكرت الكلمة بصيغة الجمع حتى توضّح الموضوع وتبيّن كثرته.
(٢) الفرق بين السنة الشمسية والقمرية هو (١١) يوم تقريبا ، فإذا ضربنا ذلك (٣٠٠) وقسمنا الناتج على عدد أيّام السنة القمريّة أي على (٣٥٤) يكون العدد (٩) طبعا يبقى باق قليل ، أهمل لأنّه لا يصل إلى السنة الكاملة.
(٣) جملة (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) هي صيغة تعجّب ، تبيّن لنا عظمة علم الخالق جلّ وعلا ، والمعنى أنّه بصير سميع بحيث أنّ الإنسان يعجب من ذلك.