قالوا : يا أيّها الراعي لا يحلّ لنا الكذب أفينجينا منك الصدق؟ فأخبروه بقصّتهم ، فانكب الراعي على أرجلهم يقبلها ويقول : يا قوم لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم ، ولكن أمهلوني حتى أردّ الأغنام على أربابها وألحق بكم ، فتوقفوا له ، فردّ الأغنام ، وأقبل يسعى يتبعه الكلب ... فنظر الفتية (الوزراء) إلى الكب وقال بعضهم : إنّا نخاف أن يفضحنا بنباحه ، فألحّوا عليه بالحجارة ، فأنطق الله تعالى جلّ ذكره ، الكلب [قائلا]:ذروني حتى أحرسكم من عدوّكم.
فلم يزل الراعي يسير بهم حتى علا بهم جبلا ، فانحطّ بهم على كهف يقال له (الوصيد) فإذا بفناء الكهف عيون أشجار مثمرة فأكلوا من الثمر ، وشربوا من الماء ، وجنّهم الليل ، فآووا إلى الكهف وربض الكلب على باب الكهف ومدّ يديه عليه ، فأوحى الله تعالى إلى ملك الموت بقبض أرواحهم. (فأنامهم الله نوما طويلا وعميقا) (١).
وفيما يخص ديقيانوس قال بعض المفسّرين : إنّه كان امبراطور الروم وحكم منذ عام ٢٤٩ ـ ٢٥١ ميلادي ، وقد كان عدوا شديدا للمسيحيين ، وكان يؤذيهم ويعذبهم ، وذلك قبل اعتناق ملك الروم لدين المسيحية.
٢ ـ أين كان الكهف؟
للمفسّرين والعلماء كلام كثير حول أصحاب الكهف ، أين كانت منطقتهم؟ وأين يقع الكهف الذي مكثوا فيه؟
وهنا ينبغي أن نلاحظ أنّه بالرغم من أنّ العثور على المكان الدقيق لهذه الحادثة لا يؤثّر كثيرا على أصل القصّة ودروسها التربوية وأهميتها التأريخية ، وبالرغم من أنّ هذه القصّة ليست الوحيدة التي نعرف أصلها ولا نعرف بعض جزئياتها وتفصيلاتها ، إلّا أنّ معرفة محل الحادث يساعدنا حتما في فهم أكثر
__________________
(١) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٣٨٢ مادة فكر.