سبب النّزول
يروي المفسّرون في سبب نزول الآيات الأولى في هذا المقطع من سورة الكهف المباركة (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ...) أنّ مجموعة من أشراف قريش ومن المؤلّفة قلوبهم جاؤوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقالوا له : يا رسول الله ، إن جلست في صدر المجلس ونحّيت عنّا هؤلاء وروائح صنانهم (كانت عليهم جباب الصوف) (١) جلسنا نحن إليك ، وأخذنا عنك ، لأنّه لا يمنعنا من الدخول عليك إلّا هؤلاء.
لقد كان هؤلاء الأشراف والمؤلفة قلوبهم يقصدون في كلامهم المستضعفين والفقراء من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أمثال سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري وصهيب وعمّار بن ياسر وخباب وغيرهم ممن كان على شاكلتهم ، إذ كان هؤلاء ممن التفّ حول رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ممن قربه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إليه.
لذلك اشترط الأشراف على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يطرد أمثال هؤلاء الفقراء عن مجلسه ونعتوهم بشتى النعوت.
وهنا نزلت الآية الكريمة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ ...) فلمّا نزلت الآية قام النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يلتمسهم فأصابهم في مؤخّر المسجد يذكرون الله عزوجل ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي. معكم المحيا ومعكم الممات».
التّفسير
الحفاة الأطهار!
من الدروس التي نستفيدها من قصّة أصحاب الكهف أنّ مقياس قيمة البشر
__________________
(١) هذه الصفات أطلقها أشراف قريش والمؤلفة قلوبهم على المستضعفين من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كأبي ذر وغيره.