المذاب الذي يشوي الوجوه قبل شربه من شدّة حرارته.
وعلى العكس من ذلك أولئك الذين تركوا الشهوات في سبيل حفظ طهارة وجودهم ورعاية أصول العدالة ، والذين اقتنعوا بحياة بسيطة ، وتحمّلوا كل الصعوبات والمنغصات في هذه الدنيا من أجل تنفيذ أصول العدالة .. هؤلاء تنتظرهم هناك بساتين الجنّة مع الأنهار الجارية ، وأفضل أنواع الزينة وأفخر الألبسة ، وأحبّ المجالس. وهذا في الواقع تجسيد لنياتهم النزيهة حيث كانوا يريدون كل الخير لجميع عباد الله.
٣ ـ العلاقة بين عبادة الهوى والغفلة عن الله
الروح الإنسانية تخضع إمّا لله تعالى أو للأهواء ، حيث لا يمكن الجمع بين الإثنين ، فعبادة الأهواء أساس الغفلة عن الله وعبادة الله ، عبادة الهوى هي سبب الابتعاد عن جميع الأصول الأخلاقية ؛ وأخيرا فإنّ عبادة الهوى تدخل الإنسان في ذاته وتبعده عن جميع حقائق العالم.
إنّ الإنسان الذي يعبد هواه لا يفكّر إلّا في إشباع شهواته ، ولا يوجد لديه معنى للفتوّة والعفو والإيثار والتضحية والشيم المعنوية الأخرى.
وقد أوضحت الآيات محل البحت الربط والعلاقة بين الإثنين بشكل جلي في قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً).
لقد طرحت الآية أوّلا (الغفلة) عن الله تعالى ، ثمّ ذكرت بعدها (أتباع الهوى) ، والطريف أنّ نتيجة هذا الأمر هو الإفراط وبالشكل المطلق الذي ذكرته الآية.
لماذا يكون عابد الهوى مصابا بالإفراط دائما؟
قد يكون السبب أنّ الطبيعة الإنسانية تتجه في الملذات المادية نحو الزيادة دوما ، فالذي كان يشعر بالنشوة بمقدار معين من المخدرات ، لا يكفيه نفس