أصبح شابا كالوردة المملوءة طراوة ، ثمّ يصبح كهلا ضعيفا كالنبتة الذابلة اليابسة ذات الأوراق الصفراء ، ثمّ إنّ عاصفة الموت تحصد هذا الإنسان لينتشر بعد فترة تراب جسده المتهرئ ـ بواسطة العواصف ـ إلى مختلف الاتجاهات والأماكن.
ولكن قد تنتهي دورة الحياة بصورة غير طبيعية ، بمعنى أنّها لا ترتقي إلى نهاية شوطها ، إذ من الممكن أن تنتهي في منتصف الشوط بواسطة صاعقة أو عاصفة كما في قوله تعالى في الآية (٢٤) من سورة يونس : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ).
وفي بعض الأحيان لا تكون الحوادث سببا لفناء الحياة في منتصف دورة الحياة ، بل يستمر السير الطبيعي حتى النهاية ، أي وصولا إلى مرحلة الذبول والتشتت والفناء كما أشارت إلى ذلك الآية التي نبحثها.
في كل الأحوال تنتهي الحياة الدنيا ـ سواء في الطريق الطبيعي أو غير الطبيعي ـ إلى الفناء الذي يحل بساحة الإنسان عاجلا أم آجلا.
٢ ـ عوامل تحطيم الغرور
قلنا : إنّ الكثير من الناس عند ما يحصلون على الإمكانات المادية والمناصب يصابون بالغرور ، وهذا الغرور هو العدو اللدود لسعادة الإنسان ، وفي الآيات السابقة رأينا كيف أنّ الغرور يؤدي إلى الشرك والكفر.
ولأنّ القرآن كتاب تربوي عظيم ، فهو يستفيد من عدة طرق لتحطيم الغرور.
ففي بعض الأحيان يجسّد لنا أنّ الفناء هو نهاية الثروات المادية كما في الآيات أعلاه.
وفي أحيان أخرى يحذّر من إمكانية تحوّل الثروات والأولاد إلى عدو