التّفسير
المعلم الإلهي والأفعال المنكرة!!
نعم ، لقد ذهب موسى وصاحبه وركبا السفينة : (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ).
من الآن فصاعدا نرى القرآن يستخدم ضمير المثنّى في جميع الموارد ، والضمير إشارة إلى موسى والعالم الرّباني ، وهذه إشارة إلى انتهاء مهمّة صاحب موسى عليهالسلام (يوشع) ورجوعه ، أو أنّه لم يكن معنيا بالحوادث بالرغم من أنّه قد حضرها جميعا. إلّا أنّ الاحتمال الأوّل هو الأقوى.
عند ما ركبا السفينة قام العالم بثقبها : «خرقها».
«خرق» كما يقول الراغب في المفردات : الخرق ، قطع الشيء على سبيل الإفساد بلا تدبّر ولا تفكر حيث كان ظاهر عمل الرجل العالم على هذا المنوال.
وبحكم كون موسى عليهالسلام نبيّا إلهيا كبيرا فقد كان من جانب يرى أن من واجبه الحفاظ على أرواح وأموال الناس ، وأن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ، ومن جانب آخر كان وجدانه الإنساني يضغط عليه ولا يدعه يسكت أمام أعمال الرجل العالم التي يبدو ظاهرها سيئا قبيحا ، لذا فقد نسي العهد الذي قطعه للخضر (العالم) فاعترض وقال : (قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً).
لا ريب إنّ هدف العالم (الخضر) لم يكن إغراق من في السفينة ، ولكنّ النتيجة النهائية لخرق السفينة لم يكن سوى غرق من في السفينة ، لذا فقد استخدم موسى عليهالسلام (اللام الغائية) لبيان الهدف.
مثل ذلك ما نقوله للشخص الذي يأكل كثيرا ، عند ما نقول له : أتريد أن تقتل نفسك؟!
بالطبع مثل هذا لا يريد قتل نفسه بكثرة الطعام ، إلّا أنّ نتيجة عمله قد تكون هكذا.