أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما).
لا ريب ، إنّ موسى وصاحبه لم يكونا ممّن يلقي بكلّه على الناس ولكن يتّضح أنّ زادهم وأموالهم قد نفدت في تلك السفرة ، لذا فقد رغبا أن يضيفهما أهل تلك المدينة (ويحتمل أنّ الرجل العالم تعمد طرح هذا الاقتراح كي يعطي موسى درسا بليغا آخر).
ويجب أن نلتفت إلى أنّ (قرية) في لغة القرآن تنطوي على مفهوم عام ، وتشمل المناطق السكنية في الريف والمدينة ، أمّا المقصود منها في الآية فهو المدينة لا القرية ، كما تصرح بعد ذلك الآيات اللاحقة.
وذكر المفسّرون نقلا عن ابن عباس أنّ المقصود بهذه المدينة ، هو (أنطاكية) (١).
وذكر آخرون : إنّ المقصود منها هو مدينة «أيلة» التي تسمى اليوم ميناء (أيلات) المعروف والذي يقع على البحر الأحمر قرب خليج العقبة. أمّا البعض الثّالث فيرى بأنّها مدينة (الناصرة) الواقعة شمال فلسطين ، وهي محل ولادة السيّد المسيح عليهالسلام. وقد نقل العلّامة الطبرسي حديثا عن الإمام الصادق عليهالسلام يدعم صحة هذا الاحتمال.
ورجوعا إلى ما قلناه في المقصود من (مجمع البحرين) إذ قلنا : إنّه كناية عن محل التقاء خليج العقبة وخليج السويس ، يتّضح أنّ مدينة (الناصرة) أو ميناء (أيلة) أقرب إلى هذا المكان من انطاكية.
المهم في الأمر ، أنّنا نستنتج من خلال ما جرى لموسى عليهالسلام وصاحبه من أهل هذه المدينة أنّهم كانوا لئاما دنيئي الهمّة ، لذا نقرأ في رواية عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) أنطاكية من المدن السورية القديمة التي تقع على بعد (٩٦) كم من حلب ، و (٥٩) كم عن الإسكندرونة ، تشتهر المدينة بالحبوب الغذائية ، والحبوب الدهنية ، فيها ميناء يسمى «سويدية» ويبعد عن مركزها (٢٧) كيلومتر. (يراجع في ذلك دائرة فريد وجدي ، ج ١ ، ص ٨٣٥).