بعبارة أخرى : إنّ مجموعة من أوليائه وعباده مكلّفون في هذا العالم بالبواطن ، بينما المجموعة الأخرى مكلّفون بالظواهر. والمكلّفون بالبواطن لهم ضوابط وأصول وبرامج خاصّة بهم ، مثلما للمكلّفين بالظواهر ضوابطهم وأصولهم الخاصّة بهم أيضا.
صحيح أنّ الخط العام لهذين البرنامجين يوصل الإنسان إلى الكمال ؛ وصحيح أنّ البرنامجين متناسقين من حيث القواعد الكلية ، إلّا أنّهما يفترقان في التفاصيل والجزئيات كما لاحظنا ذلك في الأمثلة.
بالطبع لا يستطيع أحد أن يعمل كما يحلو له ضمن هذين الخطين ، بل يجب أن يحصل على إجازة المالك القادر الحكيم الخالق جلّ وعلا ، لذا رأينا الخضر (العالم الكبير) يوضح هذه الحقيقة بصراحة قائلا ، (ما فعلته عن أمري) بل إنّي خطوت الخطوات وفقا للبرنامج الإلهي والضوابط التي كانت موضوعة لي.
وهكذا سيزول التعارض والتضاد وتنتفي الأسئلة والمشكلات المثارة حول مواقف الخضر في الحوادث الثلاث.
وسبب عدم تحمّل موسى عليهالسلام لأعمال الخضر يعود إلى مهمّة موسى التي كانت تختلف عن مهمّة الخضر في العالم ، لذا فقد كان موسى عليهالسلام يبادر إلى الاعتراض على مواقف الخضر المخالفة لضوابط الشريعة بينما كان الخضر مستمرا في طريق ببرود ، لأنّ وظيفة كل من هذين المبعوثين الإلهيين تختلف عن وظيفة الآخر ودوره المرسوم له إلهيا ، لذلك لم يستطيعا العيش سوية ، لذا قال الخضر لموسى عليهالسلام : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ).
٢ ـ من هو الخضر؟
لقد رأينا القرآن الكريم يتحدّث عن العالم من دون أن يسميّه بالخضر وقد عبّر عن معلّم موسى عليهالسلام بقوله : (عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ