أقرب إلى الله فيقربون إليه أكثر. وهؤلاء لا يملكون شيئا من عندهم ، بل كل ما يملكونه هو من الله ، وكلما يرتفعون في المقام تزداد طاعتهم وعبوديتهم (١).
البعض الآخر من المفسّرين يعتقد بأنّ مفهوم التعبير القرآني هو أنّهم يحاولون التسابق في التقرّب من الخالق ، ففي طريق طاعة الله والتقرب من ذاته المقدّسة اشترك هؤلاء في مسابقة معنوية ، حيث يحاول كل واحد منهم أن يتقدم على الآخر في الميدان.
والآية ـ بعد ذلك ـ تقول : الذين يتصفون بهذه الصفات هل يمكن عبادتهم من دون الله ، وهل هم مستقلون (٢)؟
أمّا التّفسير الذي يقول : إنّهم يسلكون أي وسيلة تقربهم من الله ، فاحتماله بعيد جدّا ، لأنّ ضمير (هم) في «أيّهم» والذي يستخدم لجمع المذكر ، لا يتلائم مع هذا المعنى ، بل كان يجب أن يكون «أيّها» ليستقيم الرأي وبالإضافة إلى ذلك فإنّ جملة (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) تقع على شكل مبتدأ وخبر ، في حين أنّها وفقا لهذا المعنى يجب أن تكون على شكل مفعول أو بدلا عن المفعول.
ما هي الوسيلة؟
هذه الكلمة استخدمت في موضعين في القرآن الكريم ، الموضع الأوّل في هذه الآية ، والآخر في الآية (٣٥) من سورة المائدة في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). وقد قلنا هناك : إنّ (الوسيلة) تعني (التقرب) أو الشيء الذي يبعث على التقرّب (أو النتيجة التي يمكن الحصول عليها من التقرّب).
__________________
(١) وفقا لهذا التّفسير تكون «أيّهم» بدل من ضمير «يبتغون» ، أو مبتدأ لخبر محذوف ، وفي التقدير تكون الآية : (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) أيّهم أكثر دعاء وابتغاء للوسيلة.
(٢) في هذه الحالة «أيّهم» من حيث التركيب النحوي يمكن أن تكون ـ فقط ـ بدلا من ضمير (يبتغون).