ورحمته الخالق الواسعة.
أراد ذو القرنين أن يقول : إنّني لا أملك شيئا من عندي كي أفتخر به ، ولم أعمل عملا مهما كي أمنّ على عباد الله.
ثمّ استطرد قائلا : لا تظنوا أنّ هذا السد سيكون أبديا وخالدا : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ).
(وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا).
لقد أشار ذو القرنين في كلامه هذا إلى قضية فناء الدنيا وتحطّم هيكل نظام الوجود فيها عند البعث.
لكن بعض المفسّرين اعتبر الوعد الإلهي إشارة إلى التقدم العلمي للبشر والذي بواسطته لا يبقى معنى لسد غير قابل للاختراق والعبور ، فالطائرات وما شابهها تستطيع أن تعبر جميع هذه الموانع. ولكن هذا التّفسير بعيد حسب الظاهر.
* * *
بحوث
أولا ـ الملاحظات التربوية في هذه القصة التأريخية
سنبحث فيما بعد ـ إن شاء الله ـ ما يتعلق بذي القرنين ؛ من هو؟ وكيف تمّ سفره للشرق والغرب ؛ وأين كان السد الذي أنشأه؟ وغير ذلك ، ولكن بصرف النظر عن الجوانب التأريخية ، فإنّ القصّة بشكل عام تحوي على دروس تربوية كثيرة من الضروري الالتفات إليها والإفادة منها ، وفي الواقع أنّها هي الهدف القرآني من إيرادها. ويمكن تلخيص هذه الدروس بالشكل الآتي :
١ ـ إنّ أوّل درس تعلمنا إيّاه أنّ عمل هذه الدنيا لا يتمّ دون توفير أسبابه ، لذا فإنّ الله تبارك وتعالى وهب الوسائل والأسباب لتقدم وانتصار ذي القرنين في علمه : (وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً). وفي نفس الوقت استفاد «ذو القرنين» من