بالنحاس المذاب كي تمتنع عن التلف والصدأ إذا تعرضت للهواء والرطوبة.
١١ ـ مهما كان الإنسان قويا ومتمكنا وصاحب قدرة واستطاعة في إنجاز الأعمال،فعلية ، أن لا يغتر بنفسه ، وهذا هو درس آخر نتعلمه من قصة «ذو القرنين». فقد اعتمد في جميع شؤونه على قدرة الخالق جلّ وعلا ، وقال بعد إتمام السد : (هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي). وعند ما اقترحوا عليه المساعدة المالية قال : (ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ). وأخيرا عند ما يتحدث عن فناء هذا السد المحكم ، فإنّه لا ينسى أن ينسب موعد ذلك إلى الله تعالى.
١٢ ـ كل شي إلى زوال مهما كان محكما وصلدا. هذا هو الدرس الأخير في هذه القصة ، وهو درس للذين يتمنون أو يظنون خلود المال أو المنصب والجاه.
إنّ سد ذي القرنين أمر هيّن قياسا إلى انطفاء الشمس وفناء الجبال الراسيات ، إذا فكيف بالإنسان المعرّض للأضرار أكثر من غيره!؟
ألا يكفي التفكير بهذه الحقائق حافزا على الوقوف بوجه الاستبداد؟
ثانيا : من هو ذو القرنين؟
ذكر المفسّرون كلاما كثيرا عن شخصية ذي القرنين الوارد في القرآن الكريم ، فمن هو؟ وعلى أي واحد من الشخصيات التأريخية المعروفة تنطبق أوصافه ويمكن أن نرجع الآراء إلى ثلاث نظريات أساسية هي :
النظرية الأولى : يرى البعض أنّ «ذو القرنين» ليس سوى «الإسكندر المقدوني»،لذا فإنّهم يسمونه «الإسكندر ذو القرنين» ويعتقد هؤلاء بأنّه سيطر بعد وفاة أبيه على دول الروم والمغرب والمصر ، وبنى مدينة الإسكندرية ، ثمّ سيطر بعد ذلك على الشام وبيت المقدس ، ثمّ ذهب من هناك إلى «أرمينيا» ، وفتح العراق وبلاد فارس ، ثمّ قصد الهند والصين ، ومن هناك رجع إلى خراسان ، وقد بنى مدنا كثيرة ، ثمّ جاء إلى العراق ومرض في مدينة «زور» وتوفي فيها.