ويقول البعض : إنّه لم يعمّر أكثر من (٣٦) سنة ، أمّا جسده فقد ذهبوا به إلى الإسكندرية ودفنوه هناك (١).
النظرية الثّانية : ويرى جمع من المؤرخين أنّ «ذو القرنين» كان أحد ملوك اليمن (كان ملوك اليمن يسمّون بـ «تبّع» وجمع ذلك «تبايعه») وقد دافع عن هذه النظرية «الأصمعي» في تأريخ العرب قبل الإسلام ، و «ابن هشام» في تأريخه المعروف بسيرة ابن هشام ، و «أبو ريحان البيروني» في كتاب «الآثار الباقية».
ويمكن لنا أن نلمح في شعر شعراء (الحميرية) وهم من أقوام اليمن ، وبعضا من شعراء الجاهلية تفاخرا بكون «ذو القرنين» من قومهم (٢).
وفقا لهذه النظرية يكون سد ذو القرنين هو سد «مأرب» المعروف.
النظرية الثّالثة : وهي أحدث النظريات في هذا المجال وردت عن المفكر الإسلامي المعروف (أبو الكلام آزاد) الذي شغل يوما منصب وزير الثقافة في الهند. وقد أورد رأيه في كتاب حققه في هذا المجال.
وطبقا لهذه النظرية فإنّ ذا القرنين هو نفسه (كورش الكبير) الملك الأخميني.
أمّا النظريتان الأولى والثّانية فإنّها لا تدعمها أدلة قوية ، ومضافا إلى ذلك فإنّ صفات الإسكندر المقدوني أو ملوك اليمن لا تنطبق مع الصفات الذي ذكرها القرآن لذي القرنين.
من ناحية ثالثة فإنّ الإسكندر لم يبن سدا معروفا. أمّا سد مأرب في اليمن فإنّه لا يتطابق مع الصفات الواردة في سدّ «ذو القرنين». الذي بني من الحديد والنحاس ، وقد أنشئ لصد هجوم الأقوام الهمجية ، في حين أنّ سد مأرب مكوّن
__________________
(١) يمكن ملاحظة ذلك في تفسير الفخر الرازي ، والكامل لابن الأثير (المجلد الأوّل صفحة ٢٨٧). ويعتقد البعض أن أوّل من قال بهذه النظرية هو الشيخ ابن سينا في كتابه الشفاء.
(٢) الميزان ، ج ١٣ ، ص ٤١٤.