لا يطلبون تغيير مكانهم أو حالهم أبدا : (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً). ذلك لأنّهم يجدون كل ما يطلبون حتى التنوع والتكامل كما سيأتي شرح ذلك.
* * *
بحوث
١ ـ من هم الأخسرون أعمالا؟
نلاحظ في حياتنا وحياة الآخرين ، أنّ الإنسان عند ما يقوم بعمل خاطئ ويعتقد أنّه صحيح ، فإنّ جهله المركب هذا لا يدوم أكثر من لحظة أو موقف أو حتى سنة ، أمّا أن يدوم على امتداد عمره فذلك هو سوء الحظ وهو الخسران المبين.
لهذا وجدنا القرآن الكريم يسمي مثل هؤلاء الأشخاص بالأخسرين ، لأنّ الذي يرتكب الذنب وهو يعلم بذلك ، فإنّه سيضع حدا لما هو فيه ويعوّض عن الذنب بالتوبة والعمل الصالح ، أمّا أولئك الذين يظنون أن ذنوبهم عبادة وأعمالهم السيئة أعمالا صالحة ، وانحرافهم استقامة ، فإنّ مثل هؤلاء لا يستطيعون التعويض عن ذنوبهم ، بل يستمرون فيما هم فيه إلى نقطة النهاية ، فيكونون كما عبّر عنهم القرآن : (بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً).
وفي الرّوايات والأحاديث الإسلامية تفاسير متعدّدة للأخسرين أعمالا ، وإنّ كل واحد منها إشارة إلى أحد المصاديق الواضحة لهذا المفهوم الواسع من دون أن تحدّده ، ففي حديث «أصبغ بن نباتة» أنّه سأل الإمام علي عليهالسلام عن تفسير الآية ، فقال الإمام : «كفرة أهل الكتاب ، اليهود والنصارى ، وقد كانوا على الحق فابتدعوا في أديانهم وهم يحسبون أنّهم يحسبون صنعا» (١).
وفي حديث آخر عن الإمام علي عليهالسلام أيضا ، قوله بعد ذكر الجواب الآنف :
__________________
(١) يراجع نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٣١١ ـ ٣١٢.