على هذه النعمة الكبيرة ، ويتوجه إلى مناجاة الله أكثر فأكثر.
إن هذه آية واضحة على أن إنسانا يمتلك لسانا سليما ، وقدرة على كل نوع من المناجاة مع الله ، ومع ذلك لا تكون له القدرة على التحدث أمام الناس!
بعد هذه البشارة والآية الواضحة ، خرج زكريا من محراب عبادته إلى الناس ، فكلّمهم بالإشارة : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) لأنّ النعمة الكبيرة التي منّ الله بها على زكريا قد أخذت بأطراف القوم ، وكان لها تأثير على مصير ومستقبل كل هؤلاء ، ولهذا فقد كان من المناسب أن يهبّ الجميع لشكر الله بتسبيحه ومدحه وثنائه.
وإذا تجاوزنا ذلك ، فإنّ بإمكان هذه الموهبة التي تعتبر إعجازا أن تحكّم أسس الإيمان في قلوب الناس ، وكانت هذه أيضا موهبة أخرى.
* * *
بحثان
١ ـ يحيى عليهالسلام النّبي المتألّه الورع
لقد ورد اسم «يحيى» في القرآن الكريم خمس مرات ـ في سور آل عمران ، والأنعام، ومريم ، والأنبياء ـ فهو واحد من أنبياء الله الكبار ، ومن جملة امتيازاته ومختصاته أنّه وصل إلى مقام النّبوة في مرحلة الطفولة ، فإنّ الله سبحانه قد أعطاه عقلا وذكاء وقّادا ودراية واسعة في هذا العمر بحيث أصبح مؤهلا لتقبل هذا المنصب.
ومن خصائص هذا النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم التي أشار إليها القرآن في الآية (٣٩) من سورة آل عمران ، وصفه بالحصور ، كما قلنا في ذيل تلك الآية ، فإنّ «الحصور» من مادة الحصر ، بمعنى وقوع الشخص في المحاصرة ، وهي تعني هنا ـ طبقا لبعض الرّوايات ـ الامتناع عن الزواج.