كتابا متضمنا لدين جديد ومذهب مستحدث (١). غير أن الاحتمال الأوّل هو الأقوى كما يبدو.
وعلى أي حال ، فإنّ المراد من أخذ الكتاب بقوة هو إجراء وتنفيذ ما جاء في كتاب التوراة السماوي بكل حزم واقتدار وتصميم راسخ ، وإرادة حديدية ، وأن يعمل بكل ما فيه، وأن يستعين بكل القوى المادية والمعنوية في سبيل نشره وتعميمه.
إنّ من القواعد المسلّمة أنّه لا يمكن تطبيق أي كتاب ودين بدون قوة وقدرة وحزن أتباعه وأنصاره ، وهذا درس لكل المؤمنين ، وكل السالكين والسائرين في طريق الله.
يحيى وصفاته العشرة :
ثمّ أشار القرآن الكريم إلى المواهب العشرة التي منحها الله ليحيى والتي اكتسبها بتوفيق الله :
١ ـ (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا). وهو أمر النّبوة والعقل والذكاء والدراية.
٢ ـ (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا) والحنان في الأصل بمعنى الرحمة والشفقة والمحبّة وإظهار العلاقة والمودّة للآخرين.
٣ ـ (وَزَكاةً) أي أعطيناه روحا طاهرة وزكية ، وبالرغم من أنّ المفسّرين فسروا الزكاة بمعان مختلفة ، فبعضهم فسّرها بالعمل الصالح ، وآخر بالطاعة والإخلاص ، وثالث ببر الوالدين والإحسان إليهما ، ورابع بحسن السمعة والذكر ، وخامس بطهارة الأنصار ، إلّا أنّ الظاهر هو أنّ للزكاة معنى واسعا وشاملا يتضمن كل هذه الأعمال والصفات الطاهرة الصالحة.
٤ ـ (وَكانَ تَقِيًّا) فكان يجتنب كل ما يخالف الأوامر الالهية.
__________________
(١) يراجع تفسير الميزان في ذيل الآية.