وعلى كل حال ، فإنّ هذه الآية تعتبر جوابا لمن يظن أنّه بالإمكان تنفيذ عمل أو تحقيق غاية من موقعه الضعف ، أو يريد حل المشاكل عن طريق المساومة في كل الظروف.
٢ ـ ثلاثة أيّام صعبة في مصير الإنسان
إنّ التعبير ب (سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) يبيّن أن في تاريخ حياة الإنسان وانتقاله من عالم إلى عالم آخر ثلاثة أيّام صعبة : يوم يضع قدمه في هذه الدنيا: (يَوْمَ وُلِدَ) ويوم موته وانتقاله إلى عالم البرزخ (وَيَوْمَ يَمُوتُ) ويوم بعثه في العالم الآخر (وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) ولما كان من الطبيعي أن تكون هذه الأيّام مرافقة للاضطرابات والقلق ، فإنّ الله سبحانه يكتنف خاصّة عباده بسلامه وعافيته ، ويجعل هؤلاء في ظل حمايته ومنعته في هذه المراحل العسيرة الثلاثة.
وبالرغم من أنّ هذا التعبير قد ورد في القرآن في موردين فقط ، في حق يحيى وفي حق عيسى عليهالسلام ، إلّا أنّ التعبير القرآن في شأن يحيى امتيازا خاصّا ، لأنّ المتكلم بهذا الكلام هو الله سبحانه ، في حين أنّ المسيح عليهالسلام هو المتكلم في حق نفسه.
ومن الواضح أنّ الأفراد الذين يكونون في أوضاع وأحوال تشابه أحوال هذين العظيمين ستعمهم وتظللهم هذه السلامة.
ومن البديع أن نقرأ في رواية عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام : «إنّ أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن : يوم يلد ويخرج من بطن أمه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها ، ويوم يبعث حيا فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا ، وقد سلم الله على يحيى عليهالسلام في هذه الثلاثة مواطن وآمن روعته ، فقال :