وسلام عليه ...» (١).
٣ ـ النّبوة في الطفولة
صحيح أنّ مرحلة النضج العقلي للإنسان لها حدّ معين عادة ، إلّا أنّه يوجد أفراد استثنائيون بين البشر دائما ، فأي مانع من أن يختصر الله هذه المرحلة لبعض عباده لمصالح ما ، ويجعلها تتلخص في سنوات أقل؟ كما أن مرور سنة أو سنتين على الولادة أمر محتم من أجل التمكن من النطق عادة ، في حين أنّنا نعلم أنّ عيسى عليهالسلام قد تكلم في أيّامه الأولى ، وكان كلاما عميق المحتوى من شأنه أن يصدر ـ عادة عن أناس كبار في السن ، كما سيأتي في تفسير الآيات القادمة إن شاء الله تعالى.
من هنا يتّضح عدم صحة الإشكال الذي طرحه بعض الأفراد حول بعض أئمة الشيعة ، بأنّه كيف تسلّم بعضهم أمور الإمامة في سن صغيرة؟
نطالع في رواية عن علي بن أسباط ، أحد أصحاب الإمام الجواد محمّد بن علي النقيعليهالسلام أنّه قال : رأيت أبا جعفر عليهالسلام وقد خرج عليّ ، فأجدت النظر إليه ، وجعلت أنظر إلى رأسه ورجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر ، فبينا أنا كذلك قعد فقال : «يا عليّ، إنّ الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النّبوة ، قد يقول (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)، وقد يقول (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) و (بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ، ويجوز أن يؤتى الحكمة وهو ابن أربعين» (٢).
كما أنّ هذه الآية تتضمن جوابا مفحما لأولئك المعترضين الذين يقولون : إنّ علياعليهالسلام لم يكن أوّل من آمن بالنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الرجال ، لأنّه كان ابن عشر سنين في ذلك اليوم ، ولا يقبل إيمان صبي في العاشرة من عمره!
__________________
(١) تفسير البرهان ، ج ٣ ، ص ٧.
(٢) نور الثقلين ، الجزء ٣ ، ص ٣٢٥.