لا شك أنّنا إذا لاحظنا ودققنا في المشقات والمتاعب التي تتقبلها وتتحملها الأم من حين الحمل إلى الوضع ، وفي مرحلة الرضاعة إلى أن يكبر الطفل ، وكذلك العذاب والأتعاب والسهر في الليالي ، والتمريض والرعاية ، كل ذلك تقبلته بكل رحابة صدر وأنس في سبيل ولدها .. إذا لاحظنا ذلك فسنرى أن الإنسان مهما سعى وجدّ في هذا الطريق ، فإنّه سيبقى مدينا للام.
والجميل في الأمر نطالع في حديث ، أن أم سلمة قالت : يا رسول الله ، ذهب الرجال بكل خير ، فأي شيء للنساء؟ قال : النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بلى ، إذ حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ، فإذا وضعت كان لها من الأجر ما لا يدري أحد ما هو لعظمه ، فإذا أرضعت كان لها بكل مصة كعدل عتق محرر من ولد إسماعيل ، فإذا فرغت من رضاعه ضرب ملك كريم على جنبها وقال : استأنفي العمل فقد غفر لك» (١)! وكأن صحيفة عملك ستبدأ من جديد.
٣ ـ إنجاب البكر
من جملة الأسئلة التي تثيرها هذه الآيات ، هو : هل يمكن من الناحية العلمية أن يولد ولد من دون أب؟ وهل أن مسألة ولادة عيسى عليهالسلام دون أب تخالف تحقيقات العلماء في هذا المجال ، أو لا؟
مما لا شك فيه أنّ هذه المسألة قد تمت عن طريق الإعجاز ، إلّا أنّ العلم اليوم لا ينفي إمكان وقوع مثل هذا الأمر أيضا ، بل صرح بإمكان ذلك ، خاصّة وأن موضوع إنجاب البكر قد لوحظ بين كثير من الحيوانات ، وإذا علمنا أن مسألة انعقاد النطفة لا تختص بالإنسان ، فإنّ هذا يثبت إمكان حدوث هذا الأمر بصورة عامّة.
__________________
(١) الوسائل ، الجزء ١٥ ص ١٧٥.