جهة ثالثة فإنّ التعبير ب (عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ) يشير إلى أن أمرك نتيجة هذا الشرك وعبادة الأصنام قد بلغ حدّا بحيث أن الله ـ الذي عمت رحمته الأرجاء ـ سيغضب عليك ويعاقبك ، فانظر إلى عملك الذي تقوم به كم هو خطير وكبير! ومن جهة رابعة ، فإنّ عملك سيؤدي بك في النهاية أن تستظل بولاية الشيطان.
* * *
بحوث
١ ـ طريق النفوذ إلى الآخرين
إنّ طريقة محاورة إبراهيم لآزر ـ الذي كان ـ طبقا للرّوايات ـ من عبدة الأصنام ، حيث كان يصنعها ويبيعها ، وكان يعتبر عاملا مهمّا في ترويج الشرك ـ تبيّن لنا بأنّه يجب استخدم المنطق الممتزج بالاحترام والمحبة والحرص على الهداية ، مقترنا بالحزم قبل التوسل بالقوة ، للنفوذ إلى نفوس الأفراد المنحرفين ، لأنّ الكثير سيذعنون للحق عن هذا الطريق ، وهناك جماعة سيظهرون مقاومتهم لهذا الأسلوب ، ومن الطبيعي أن حساب هؤلاء يختلف ، ويجب أن يعاملوا بأسلوب آخر.
٢ ـ دليل اتباع العالم
قرأنا في الآيات ـ محل البحث ـ أن إبراهيم دعا عمه آزر لاتباعه ، مع كبر سنة وشهرته في المجتمع. ويذكر دليله على دعوته هذه فيقول : (إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ).
إنّ هذا قانون عام في أن الذين لا يعلمون يتبعون العالمين فيما يجهلونه ، وهذا في الواقع هو منهج الرجوع إلى المتخصصين في كل فن ، ومن ذلك مسألة تقليد المجتهد في فروع الأحكام الإسلامية.