٣ ـ ما العلاقة بين المنكرين سابقا والمنكرين لا حقا؟
قد يطرح أحيانا هذا السؤال حيث يبيّن القرآن ـ في الآيات أعلاه ـ أنّ السابقين اقترحوا معجزات معيّنة ثمّ لم يؤمنوا بعد وقوعها ، بل استمروا في تكذيبهم وإنكارهم وعنادهم، لذا فقد أصبح هذا سببا لعدم إجابة مقترحاتكم.
والسؤال هنا : هل أنّ تكذيب السابقين يكون سببا لحرمان الأجيال اللاحقة ، أي كيف يؤخذ هؤلاء بجريرة أولئك؟
الجواب على هذا السؤال واضح من خلال ما ذكرناه أعلاه ، حيث يسود هذا التعبير ويروج في أوساطنا ، إذ نقول ـ مثلا ـ لأحدهم : لا نستطيع أن نسلّم بحججك ، فإذا سأل الطرف الآخر : لماذا؟ فإنّنا نقول له : إنّ هناك سوابق كثيرة لهذا العمل ، فهناك من قدّم اقتراحات إلّا أنّهم لم يستسلموا للحق لما جاءهم ، لذا فإنّ وضعكم وظروفكم تشابه أولئك. إضافة لذلك ، فإنّكم توافقون أولئك الأقوام على أساليبهم ، بل وتدعمونها ، وأثبتم عمليا أنّكم لا ترغبون في البحث عن الحق والحقيقة ، بل إنّ هدفكم هو مجرّد العناد والتحجج والبقاء في طور المعاذير ، ثمّ تتبعون ذلك كلّه بالعناد والمكابرة والإنكار ، لذا فإنّ الرضوخ إلى مقترحاتكم وإجابتها لا معنى له.
فهؤلاء القوم ـ مثلا ـ عند ما أخبرهم الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ أهل النّار يأكلون من شجرة تسمّى (زقوم) وتخرج في أصل الجحيم ولها أوصاف معينة ، بدأوا بالسخرية والاستهزاء ـ كما ذكرنا سابقا ـ فالبعض منهم كان يقول : إنّ الزقوم هو التمر والسمن ، وبعض كان يقول : كيف تنمو الأشجار في الجحيم المستعر من الحجارة؟ في حين أن المعنى واضح ولا يحتاج إلى مثل هذه المكابرة والعناد ، إذ أنّ الشجرة المقصودة لا تشبه أشجار هذه الدنيا.
* * *