كالحيوانات العطشى إلى نار جهنم ، وهم مطأطئو الرؤوس ، خجلون ، مفتضحون ولا أهمية ولا قيمة لهم.
وإذا كانوا يتصورون أنّهم يستطيعون الخلاص عن طريق الشفاعة ، فإنّهم يجب أن يعلموا أن هؤلاء الذين يرجونهم (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ) فلا أحد يشفع لهؤلاء ، فمن طريق أولى أن لا يقدروا على الشفاعة لأحد (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) فهؤلاء هم الوحيدون الذين تنفعهم وتشملهم شفاعة الشافعين ، أو أن مقامهم أعلى من هذه الرتبة أيضا ، ولهم القدرة والصلاحية لأن يشفعوا للعاصين الذين يستحقون الشفاعة.
ما معنى العهد؟
لقد بحث المفسّرون بحوثا كثيرة في المراد من العهد في الآية الشريفة التي تقول : (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً).
فقال بعضهم : إنّ العهد هو الإيمان بالله ، والإقرار بوحدانيته ، وتصديق أنبياء الله.
وقال البعض الآخر : إنّ العهد هنا يعني الشهادة بوحدانية الحق تعالى ، والبراءة ممن يعتقد بقدرة غير الله ، وكذلك لا يرجو الا الله تعالى.
وعن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال في جواب سؤال أحد أصحابه عن تفسير هذه الآية : «من دان بولاية أمير المؤمنين والأئمّة من بعده فهو العهد عند الله» (١).
وفي رواية أخرى عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «من أدخل على مؤمن سرورا فقد سرني، ومن سرني فقد اتّخذ عند الله عهدا» (٢).
وفي حديث آخر عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ المحافظة على العهد هي المحافظة
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٣٦٢.
(٢) الدر المنثور (حسب نقل الميزان في ذيل الآية مورد البحث).