التّفسير
لا تجهد نفسك إلى هذا الحد :
مرّة أخرى نواجه الحروف المقطعة في بداية هذه السورة ، والتي تثير حبّ الاستطاع لدى الإنسان :
لقد بحثنا في تفسير الحروف المقطعة في القرآن في بداية ثلاث سور بحثا كافيا (١) ، غير أنّنا نرى أن من اللازم أن نضيف هنا هذا المبحث ، وهو أن من الممكن أن يكون لكل هذه الحروف المقطعة ـ أو على الأقل لقسم منها ـ معان ومفاهيم خاصّة ، تماما كالكلمة الواحدة التي تتضمّن محتوى معينا.
إنّنا نلاقي في كثير من الرّوايات وكلمات المفسّرين في بداية هذه السورة وسورة «يس» هذا البحث ، وهو أن «طه» تعني : يا رجل ، ونرى كلمة «طه» في بعض شعر العرب أيضا ، ولها معنى شبيه ب (يا رجل) أو قريب منه ، ويمكن أن تعود هذه الأشعار إلى بداية ظهور الإسلام ، أو إلى ما قبل الإسلام (٢).
وقد نقل لنا أحد المطلعين أن بعض علماء الغرب الملمين بالدراسات الإسلامية ، يعممون هذه النظرية على كل الحروف المقطعة في القرآن ، ويعتقدون أن الحروف المقطعة في بداية كل سورة هي كلمة لها معنى خاص ، أصبح بعضها متروكا مع مرور الزمن ، ووصل إلينا البعض ، وإلّا فإنّ من المستبعد أن مشركي العرب يسمعون الحروف المقطعة ولا يفهمون منها شيئا ، ولا يدركون لها معنى ، ثمّ لا نراهم يسخرون ولا يستهزءون منها ، في حين أنّه لا يرى ولا يلاحظ في أي من التواريخ أنّ هؤلاء الحمقى المتتبعين للعيوب والهفوات قد اتخذوا الحروف المقطعة وسيلة للقيام بردود فعل ضدها وضد الإسلام.
وطبعا من الصعب قبول هذا الرأي بصورة عامّة ، وبالنسبة إلى كل حروف
__________________
(١) بداية سورة البقرة وآل عمران والأعراف من التّفسير الأمثل.
(٢) تفسير مجمع البيان ، ذيل الآية مورد البحث.