اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) شرعت هذه الآية في بيان أهم أصل لدعوة الأنبياء في هذه الآية ، ألا وهو مسألة التوحيد ، وبعدها ذكرت موضوع عبادة الله الواحد كثمرة لشجرة الإيمان والتوحيد ، ثمّ أصدرت له أمر الصلاة بعد ذلك ، وهي تعني أكبر عبادة وأهم ارتباط بين الخلق والخالق ، وأكثر الطرق تأثيرا في عدم الغفلة عن الذات المقدسة.
إنّ هذه الأوامر الثلاثة ، مع أمر الرسالة الذي ورد في الآية السابقة ، ومسألة المعاد التي تأتي في الآية التالية ، تشكّل مجموعة كامله ومضغوطة من أصول الدين وفروعه ، وتكملها بالأمر بالاستقامة الذي سيأتي في آخر الآيات مورد البحث.
ولما كان المعاد هو الأصل والأساس الثّاني ، فبعد ذكر التوحيد وأغصانه وفروعه ، أضافت الآية التالية : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى).
في هذه الجملة نقطتان يجب الالتفات إليهما :
الأولى : إن معنى جملة (أَكادُ أُخْفِيها) : يقرب أن أخفي تاريخ قيام القيامة ، ولازم هذا التعبير أنّي لم أخفه من قبل ، ونحن نعلم بصريح كثير من آيات القرآن ، أن أحدا لم يطلع على تاريخ القيامة ، كما في الآية (١٨٧) من سورة الأعراف حيث نقرأ : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي).
لقد بحث المفسّرون هذا الموضوع ، فالكثير منهم يعتقد أن هذا التعبير نوع من المبالغة ومعناه : إن وقت بدء وقيام القيامة مخفي ومجهول إلى الحد الذي أكاد أخفيه حتى عن نفسي. وقد وردت في هذا الباب رواية أيضا ، ويحتمل أن هذه الفئة من المفسّرين قد اقتبسوا رأيهم من تلك الرّواية.
والتّفسير الآخر هو أن مشتقات (كاد) لا تعني دائما الاقتراب ، بل تأتي أحيانا بمعنى التأكيد ، ولذلك فإنّ بعض المفسّرين فسر (أكاد) ب (أريد) وقد جاء